في كل مرة أستل فيها قلمي لأكتب عن الأداء البرلماني المتخبّط في جانبيه (التشريعي والرقابي) إنطلاقاً من وجع متراكم إمتدّ على مدى أربع دورات تشريعية مرّت بلا إنجازات رقابية تُثلج الصدور ولا قوانين وتشريعات من شأنها الإسهام في تأمين حياة سعيدة للعباد او بناء وازدهار للبلاد!!
أربع دورات تشريعية مرّت مثل( الماي بالصينيه) والبرلمان يتمايل مثل( ريشه بوسط ريح).. وها هي الدورة الخامسة التي نعيش تفاصيلها بمرارة لأنها تخلو من ( الجدحة والحرارة) حتى ليُمكن القول أننا إزاء مسرحية هزلية.. أدوارها متكرّرة ورتيبة والممثلون هم ذاتهم ممن يجيدون العزف على ذات الأوتار المتهالكة والأصوات  النشاز  التي يأنف سماعها الشعب جرّاء ما أصابة من  ملل وتعب.  يوم  السبت الماضي الرابع عشر من شهر كانون الثاني الحالي (٢٠٢٣) لمَلَمَ مجلس النواب شتاته وحشد جيوشه وتوجّه لعقد جلسته الأولى في فصله التشريعي الثاني بعد إنتهاء عطلته التشريعية التي إمتدت على مدى شهر.. عوافي للنواب وليشبع كل حافي (طن قهر)!!  وللأمانة ومن دون الحاجة الى أكل التمن مع الطرشانه فإنه في كل مرّة ينقضي فيها عمر البرلمان ويغلق أبوابه وتبدأ دورة إنتخابية نيابية جديدة ويولد برلمان جديد ويبدأ الطَرق على الحديد ونرفع الأكف الى الله بأن يكون الآتي أفضل من الراح وشويه نرتاح، ونحن نمضغ تلك المفردة ( عسى خيرها بغيرها) لكن يبدو أن خيباتنا هي ذاتها التي تتكرّر والإحباط هو نفسه الذي يتسلّل إلى النفوس المتعبة ولسان حالنا يردد:( خوجه علي ملا علي). المطّلع على النظام الداخلي للبرلمان العراقي يلحظ بأن السنة التشريعية المُقرُّ لها أن تُعقد فيها (٦٤) جلسة مقسّمة بواقع (٣٢) جلسة في كل فصل تشريعي مع الأخذ بنظر الإعتبار إحتساب العطلة بين الفصلين التشريعيين ولكن وبعملية حسابية موثّقة فإن مجلس النواب الحالي لم يعقد سوى (٢٧) جلسة أغلبها فيها عطسه وطسّه تركزت اغلبها في شهر تشرين الثاني من العام الماضي (٢٠٢٢). أيها السادة البرلمانيون.. تذكّروا أن الشعب إنتخبكم ووضع ثقته بكم ليس لسواد عيونكم بل لأجل أن تمثلوه خير تمثيل وأن تؤدون واجباتكم التشريعية والرقابية  على أكمل وجه وفي المقدمة من ذلك الضرب على رؤوس الفاسدين دون خوف أو تردّد لأن مأساتنا في العراق، يا كل عراقي حبّاب، تكمن صراحة في وجود الحيتان الكبيرة التي سرقت الجمل بما حمل وأفقرت الشعب وأوصلت البلد الى الحال الذي لا يسرّ أبداً.. سيداتي .. سادتي أيها النواب ان هناك العشرات من القوانين المعطّلة جرّاء عدم التوافق والخلافات السياسية يفترض قراءتها بدقّة وتشريعها لتأخذ مداها التطبيقي.. اما أنتم ايها النواب المستقلون فان عتبنا وزعلنا عليكم كشعب كبير فقد علّقنا عليكم آمالاً عريضة لتشكّلوا خط الصد الاول الذي يتكيء عليه من وضعوا بيضهم كاملاً في سلالكم أملاً في تحقيق ما منشود ولكن يبدو أننا خُدعنا بـ( التسمية) ولم نقرأ المضمون!!. أيها البرلمانيون المستقلون.. هل ضعتم في وديان البرلمان.. ام عبثت بأعشاشكم الغربان وضعتم في خضم التجاذبات والاستقطابات.. أم نسيتم تحت قبّة البرلمان إستقلاليتكم التي تتيح لكم أن تجهروا بأصوات الحق الي تشقّ عنان السماء؟