السبت 2024/7/27 توقيـت بغداد
07901195815-07707011113    albaynanew@yahoo.com
جريدة يومية سياسية عامة مستقلة
لا ترتبط بحزب أو حركة أو جهة دينية أو سياسية
صاحب الإمتياز
ورئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
الأغاني التـراثيــة ... عذوبــة في الأداء وكلـمـات تحتــرم الــذوق الـعام
الأغاني التـراثيــة ... عذوبــة في الأداء وكلـمـات تحتــرم الــذوق الـعام
تحقيقات
أضيف بواسـطة albayyna
الكاتب
النـص :

بغداد / 
علي صحن عبد العزيز 

أبرز ما يمكن أن تستمع إليه في سيارات الأجرة ، هو الإستماع إلى أغاني جيل السبعينيات والثمانينيات لدى هؤلاء السواق والأمر الفارق أنهم من مواليد التسعينيات إلى نهاية القرن العشرين، فإحساس المستمع أيًا كان مستواه وعمره مسألة تدخل فيها حسابات ذائقته الفنية …فهل يعود ذلك إلى الحنين للأصالة أم أنه ابتعاد عن ضوضاء الايقاع السريع ؟ فما نسمعه من اختيارات والبحث عن الأغاني القديمة ،هو مؤشر بأن أغلب الأغاني الحديثة لم تعد تلبي تلك الذائقة ، ولعل اكتساب تلك الأغاني  إصالتها وخلودها سنوات طويلة ،جاء بسبب نقلها وتجسيدها لمعاناة المجتمع وهمومه اليومية والأمثلة كثيرة في الغناء الريفي فالمطرب سلمان المنكوب ،إشتهر بأغنية (المنازل) وكذلك قرينه المطرب حسين سعيده أغنية (تتلاكه الوجوه) وعبادي العماري (فصليه وسامحيني) وغيرها من أغاني جيل الرواد ، ولو جردنا أي أغنية من هذه العوامل الرئيسية لتحولت إلى مجرد ألحان مبتذلة ولا تمتلك أي روح فيها كما هو الحال في أغلب الأغاني الموجودة الآن ،لسببين رئيسيين هما ،أن الأغنية كانت تمثل مشروعا فنيا من حيث الثلاثية القائمة ،الصوت والكلمات واللحن  والسبب الآخر اننا نجد متعة تجعلنا نتمسك بها على الرغم من بساطة إلحانها ،كما أن مقامات الأغنية لا تحتوي على زوائد لحنية تشتت سماع الذائقة الفنية  مما يجعل أصوات مطربيها تتسم بعذوبة واضحة تجعل السامع يذوب بفيض من الأجواء والطقوس الخاصة. جريدة (البينة الجديدة) حاورت الكثير من مبدعي الغناء العراقي وشعرائه الكبار ، فكانت هذه المشاركات التي ننقلها لكم.
منحدرات خطيرة
طاهر سلمان /شاعر غنائي مخضرم: لقد تميزت أغاني السبعينات لشعراء الأغنية بالكلام المؤدب والشريف والذي لا يخدش الحياء ، وكانت لكل أغنية قصة وحالة إنسانية،ولذلك بقى صداها إلى الآن، أما اليوم فليس هنالك شعر أبداً، هنالك كلمات تثير النوازع الجنسية عند الشباب ، ولأنه لا توجد لجنة لفحص النصوص فقد ضاعت الأغنية ووصلت إلى هذا المنحدر الخطير ومن الطبيعي أن الناس   أنها لا تستذوق أغاني اليوم ،لذلك فإنها ترجع لتستمع للفن الجميل  لأن إلحانها كانت من داخل روح الملحن وليست ألحانا جاهزة ، وهذا مما جعلها صامدة إلى يومنا هذا .
ايقاعات سريعة 
صباح زيارة/ ملحن غنائي : الغالبية يريد مفردة حتى لو كانت شتيمة يغنيها ،لكي يشتهر ويعمل في الملاهي ،أما الألحان فهي أكثرها مسروقة من تركيا أو دول خليجية، وترتكز على إيقاع ونغم واحد وهو «الكرد»، لكن البعض من القلة تكون إختياراتهم موفقة وأكثرهم لما يكون في مكان أو حفل محترم يغني الأغاني القديمة العربية.  عباس المنكوب : لم تكن الأغاني الريفية تعتمد على تكديس الألحان في المقطوعة الواحدة بل كان اللحن مصممًا على تركيبة النص الغنائي وكأنه توأمًا يلازمه وهنا نجد جمالية اللحن للأغنية ومدى تأثيرها على إذن المتلقي ، ولذلك فإن الأغنية الحديثة مازالت تعيش حالة من عدم تماسكها في وحدة النص واللحن والأداء ،ولنتذكر قليلًا أغاني الفنان داخل حسن ، فهذا الصوت يمتلك من (البحة) ما لم يمتلكه أي مطرب آخر على الرغم من حالات تقليده المتكررة ،لأنه صوت نابع من رحم المعاناة الشعبية التي كان يعيش فيها ،ولذلك كانت أغانيه تأخذ أمتدادها الزمني على أجيالنا الحاضرة ،على الرغم من تكاثر الأصوات الريفية والتي تحتاج إلى الكثير من التمرين والصقل وتنمية الإذن الموسيقية ،الآن أصوات الأيقاعات السريعة والموسيقى تطغى على صوت المطرب ، ولذا تفشل الأغنية   من خلال النص والكلام، بعض المطربين بحاجة إلى غناء الألحان الطويلة لمعرفة نبرات صوته ودرجاته الموسيقية  ولو تمكن من غناء تلك الألحان فسيظهر نشازا نتيجة لإرتفاع صوته ، ونقول بأن الغناء إذا لم يكن معبرًا عن المشاعر الحقيقة فلا يعتبر فنٍا أصيلا.
غرابة في الأداء 
عباس الناصري/مطرب ريفي : ليس عيبًا العودة إلى سماع الأغاني القديمة كإشارة واضحة لواقع مرفوض لبعض الأغاني العراقية الحديثة ، لكن المعيب حقًا هو طريقة أدائها وضياع خصوصيتها القائمة ،ولذلك فإننا نرى بأن الكثير من الأصوات الغنائية بحاجة إلى المزيد من التمرين والصقل وتنمية الإذن الموسيقية ، فهنالك هجوم صوتي وزعيق على الذائقة الفنية للمستمع  بدليل أن بعض المطربين يستريح لحظة ثم يعاود تنشج حالته الصوتية ، والأمر المستغرب هو وجود مطربين لديهم (اللكنة) التي تضيف غرابة على أدائه للأغنية والمطلوب أيضًا تدريب الحبال الصوتية على مختلف المقامات الموسيقية العربية والعراقية .
مخاطبة ذوق المستمع 
سعد الرماحي/باحث وناقد : من خلال رصدنا للكثير من الآراء المؤيدة لسماع الأغاني القديمة فلقد وجدنا أغاني لعمالقة الغناء العراقي تنبض من جديد ،وهنالك جملة أسباب منها ،أن كلمات الأغاني كانت على مستوى عال من الذوق الرفيع بمخاطبة وجدان الإنسان وعواطفه ، بالإضافة إلى وجود ملحنين كبار لهم بصمتهم الواضحة في تلك الأغاني ، أما اليوم فإننا نسمع أغاني ركيكة في كل شيء من الكلمات البذيئة واللحن الهجين والصوت المتورم مما لا يساعد في لفظ مخارج الحروف بشكل أفضل. لنا كلمة حينما تناولنا هذا الموضوع وأخذنا نماذج مبدعة من تاريخ الغناء العراقي فهذا لا يعني أننا قد إغفلنا حقوق وعطاء بقية المطربين والمطربات ،ولكن سوف يكون لنا أنطلاقة جديدة مع نجومه من الشعراء والملحنين والمطربين لكي نسلط الضوء على واقع الأغنية العراقية وما تعانيه من مشاكل فنية متعددة.

المشـاهدات 611   تاريخ الإضافـة 15/10/2023   رقم المحتوى 42679
أضف تقييـم