الجمعة 2024/5/3 توقيـت بغداد
07901195815-07707011113    albaynanew@yahoo.com
جريدة يومية سياسية عامة مستقلة
لا ترتبط بحزب أو حركة أو جهة دينية أو سياسية
صاحب الإمتياز
ورئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
الثقافة الإعلامية والوعي المجتمعي وتأثيرها في خلق الصورة النمطية للمضطربين نفسياً
الثقافة الإعلامية والوعي المجتمعي وتأثيرها في خلق الصورة النمطية للمضطربين نفسياً
مقالات
أضيف بواسـطة albayyna
الكاتب
النـص :

د. فراس غازي الكناني


كثيرة هي الحالات التي نشاهدها ونسمع بها ونتعايش معها احيانا في مجتمعنا والتي تخص حالات خاصة لأشخاص قد يعانون من أمراض نفسية أو الاضطراب النفسي ليس لهم ذنب فيها سوى أن ظروف الحياة وضغوطاتها ومشاكلها المتعدده وغيرها من الأمور المسببة هي السبب الرئيس لمعاناتهم فقد لايرحمهم هذا المرض ويسبب لهم تدهورا صحياً ولكن وفي ذات الوقت لاترحمهم قساوة المجتمع من تنمر وشتيمة وايضا قد تصل بعض الأحيان كوصمة عار لمن يعاني من الاضطراب النفسي وكأنه ليس مرضاً كباقي الأمراض التي يعاني منها الجسد الأمراض الجسدية مما يؤثر سلباً على الشخص المريض وتؤدي به إلى الانعزال والسرية والتكتم وعدم البوح بمعاناته حتى يتفادى الكلام الجارح والشتيمة من المجتمع والانتقاد المستمر والاحساس بالعار نتيجة قلة الوعي والثقافة المجتمعية التي يعاني منها المجتمع بهذا الجانب من جانب آخر تلعب الثقافة الإعلامية دورا كبيرا في خلق صور نمطية غير ايجابية لأفراد الاضطراب النفسي ويأتي ذلك من خلال بعض وسائل الإعلام غير المهنية وغير المعروفة في خلق صور نمطية خاطئة عن الاضطراب النفسي نتيجة وجود أعداد كبيرة من تلك الوسائل الإعلامية غير المحترفة وغير المهنية والتي تتسبب في خلق صور نمطية خاطئة وغير صحيحة تؤثر سلبا على الشخص المضطرب نفسياً في المجتمع.
حاولت كثيرا من خلال هذا التحقيق الصحفي البحث والتقصي عن بعض المصابين بالاضطراب النفسي وحاولت جاهدا ليتكلم معي شخص عن الموضوع ويفصح عما يمر به وما يعانيه فلم اجد اي شخص يجرأ على الحوار والسبب واضح هو ماتكلمنا به آنفا خوفا من نظرة المجتمع السلبية لهم والكلام الجارح الذي قد يمر على مسامعه في وقت لاحق مما يدل ويثبت الخللل في قلة الوعي والثقافة المجتمعية لدينا.
ذهبنا الى الدكتور يوسف الوائلي خبير في منظمة الصحة العالمية وتكلمنا معه في الموضوع فأجاب أن نسبة واحد من كل ثمانية أشخاص يعانون من الاضطراب النفسي وذلك يعني أن ١٥٪  من العالم لديهم اضطراب نفسي والاعداد تتكاثر وتتفاقم بسبب الازمات والحروب وضغوطات الحياة المختلفة ولايوجد مايقابل هذا العدد من توعية في الصحة النفسية على الأقل في مجتمعنا وأكد أيضا أن هنالك   قلة أو ندرة في الاعداد لمقدمي الخدمات الصحية النفسية سواء اطباء نفسيين أو اختصاص علم نفس سريري والنقص كبير في هذا الجانب 
واضاف ،،، أن التكلفة المادية للرعاية الصحية النفسية بالنسبة للاضطراب النفسي عامل مهم يجعلهم مهتمين لجانب الصحة   النفسية   وهم يرون أن الأولوية للصحة الجسدية قبل الصحة النفسية وهذا يعتبر من الخطأ الكبير لأن الصحة النفسية هي جزء لا يتجزأ من الصحة الجسدية ولا تقل شأناً عنها وقد بين أن شركات التأمين للأسف وهي ممثل لشركات القطاع الخاص والجهات الرسمية في الدول انها تنظر إلى الطب النفسي تكلفة عالية ولا يوجد فيه ارباح بالعكس تماماً فإن الاضطرابات النفسية هي الوجه الاخر للاضطرابات الجسدية فعدم اهتمام بها قطعا يزيد من احتمالية ظهور الاضطرابات الجسدية وحتى إن لم تجد نفعاً ماديا فهي تتحمل مسؤولية اجتماعية وأخلاقية وعلى الدول أن تفرض قوانين صارمة لغرض الاهتمام بتلك الحالات لما يعرف بالمسؤولية الاجتماعية ويجب عليها التدخل
،(انت مختل عقلياً أو انت مريض نفسي او اعصابك تعبانة كلمات تخلق نوعاً من الصور النمطية للأشخاص) .
الدكتورة ريم الابيض أستاذة في علم النفس تقول:
هناك عوامل كثيرة تعد مسبباً رئيسياً للاضطراب النفسي ولاسيما أننا نعيش في مناطق تكثر فيها الصراعات والحروب وضغوطات الحياة وبالتالي تخلق انواعا من الاضطرابات النفسية لدى أفراد المجتمع وعدم التعريف بالاضطراب النفسي بالشكل الصحيح مما يؤثر سلباً فأحيانا يعتبر المجتمع (المريض النفسي)(عيبا) نتيجة النقص الشديد بالوعي والثقافة بالصحة النفسية لدى المجتمع ،، وليعلم الجميع أن عدم الاهتمام بهم واعتبارهم جانبا استثنائيا وليس من الأولويات يؤدي إلى انعكاسات كبيرة على الأفراد وحتى المجموعة في العلاقات المجتمعية وفي حياة المجتمع 
وبينت أيضا أن على الجميع أن يعي من اي طبقة اجتماعية كان أو اي مستوى اجتماعي معرض أن يصاب بالاضطراب النفسي فعندما تشتم الآخرين أو تقلل من احترامهم أو وصمهم بالعار فاحتمال كبير جدا أن تصاب به في وقتها وسيعود الأثر عليك بشكل مباشر 
لذلك يجب معالجة الصورة الخاطئة عن ،(الصحة النفسية) والنقص الكبير في الوعي لدى المجتمع.
وتقول اسراء الجميلي الخبيرة في شؤون الأسرة والصحة النفسية:
عدم وجود اهتمام فعلي بالصحة النفسية له عواقب وخيمة على المستوى المجتمعي احيانا وحسب مجال عملي كمختصة بجانب الأسرة اتعايش مع بعض الأمور داخل الأسرة والتي تخص هذا الجانب فأغلب الآباء والأمهات يهتمون كثيرا بغذاء الاطفال أو ملبسهم وخروجهم إلى المتنزهات وغيرها من الأمور وفي ذات الوقت لا يقدمون اي اهتمام إلى جانب الصحة النفسية لأطفالهم وأحياناً تجد الاب يدفع مبالغ مالية كبيرة لتلك الأمور لكن لاتجده يبدي الرغبة في دفع أي مبلغ تجاه الصحة النفسية لأبنائه وهنا تجد قلة الوعي للأهالي واضحة باعتبارهم أنها حاجة رفاهية وثانوية غير مهمة 
مقارنة ماموجود في الدول الأوربية والتي تعمل على الأطفال ومنذ عمر (٤_٥) سنوات بمتابعة وتقديم برنامج (دعم نفسي) مما يساعدهم على اكتشاف الحالة في سن مبكرة ويتم معالجتها بسهولة كونهم البذرة الحقيقية للمجتمع الصحي 
واضافت أننا نحتاج إلى طبيب نفسي او خبير مختص في كل حضانة أو مدرسة للكشف عن أي حالة بشكل مبكر والاهتمام بجيل المستقبل.
واوضح الاستاذ عارف ماهود اعلامي وكاتب :
على اعتبار أن وسائل الإعلام هي أكثر الوسائل واسرعها انتشاراً ومدى تأثيرها على المجتمع بجريقة سريعة جدا فبالامكان استخدامها في كسر الصورة النمطية الخاطئة تجاه أصحاب الاضطرابات النفسية وبالامكان تغير ذلك على مستوى الجيل الأكبر في المستقبل وهي وسيلة مضمونة وسريعة لتحقيق نتائج إيجابية ويأتي ذلك من خلال التعريف بالاضطراب النفسي وماذا يعني حتى لا يتم تداوله بشكل خاطىء كما هو الآن مع شديد الأسف داخل المجتمع واعتبار الشخص المضطرب منبوذ غير مرغوب به في المجتمع بسبب عدم التعريف الصحيح لهذه الصورة النمطية بالوجه الصحيح.
مضيفاً أن   تأثير الاعلام في تكريس الصورة النمطية الصحيحة المتعلقة باصحاب الاضطرابات النفسية فالمضطرب ليس (عاهة) مجتمعية وليس (عيبا) مجتمعيا وليس ( بالمرض المعدي) أو عنصر سلبي فتلك المسميات وغيرها نحن من نجعل منها صفات لاشخاص لاذنب لهم بها ومما يتسبب في تجسيد صور نمطية خاطئة لحالاتهم مع الاسف وهنا يأتي دور الاعلام الهادف الحقيقي المهني لمعالجة تلك الأخطاء وتصحيح المسار
إنه لمن الضروري أن تكون لنا وقفة حقيقية وعلى جميع الأصعدة والمستويات في المجتمع لتدارك ومعالجة الحالات لأهمية تلك الشريحة المهملة داخل اسوار المجتمع وعلى الحكومة الدور الأكبر من خلال تحمل مسؤولياتها تجاه ابنائها ورفد الكوادر الصحية باطباء الاختصاص ودعم مستشفيات خاصة لهؤلاء 
إضافة إلى منظمات المجتمع المدني أن يكون لها دور فعال للوقوف مع تلك الشريحة من خلال عقد ندوات تعريفية بهم وتحفيز الأشخاص المصابين للوقاية والعلاج دون التخوف والاحساس بالنقص أو العار من ذلك المرض الطبيعي وعلى الاعلام الحقيقي الهادف الدور المهم والكبير لوضع صور نمطية بديلة عن الصور النمطية الخاطئة التي ترسل داخل المجتمع من دخلاء الإعلام وعليهم إنعاش المجتمع بصور إيجابية تكون داعمة لتلك الشريحة تؤدي إلى رفع من معنوياتهم ودعمهم كونهم شريحة مهمة في المجتمع وتعريف الجميع بأن المرض النفسي هو كحال اي مرض جسدي يصاب به الإنسان وهذا الأمر طبيعي جدا.

المشـاهدات 563   تاريخ الإضافـة 07/04/2024   رقم المحتوى 45189
أضف تقييـم