* صباح الشيخلي

   في حياتنا  وتعاملاتنا اليومية عادة ما نستخدم مفردات شعبية بسيطة لإيصال فكرة او تحقيق غرض ما.. من قبيل أريد (قميص نص ردن) عندما تذهب للسوق لشراء قميص صيفي يتناسب وطبيعة درجات الحرارة التي بدأت تتصاعد هذه الايام إيذاناً بموسم صيف ساخن. أو عندما تجلس في مطعم  لتسدّ رمقك من الطعام ويأتيك النادل فتبادره بالقول: أخي العزيز أُريد (نص نفر كباب) وذلك لتأمين كفايتك بهذا القدر أو تقول له: اريد (نص گرصه خبز) في إشارة الى الخبز الذي تحتاجه كزيادة.. ثم صرنا بمرور الوقت نستخدم مفردة ( نص ردن) كناية او تهكماً بمن لا يجيدون عملهم أو مهنتهم بشكل سليم  فنقول:  هذا الشخص (مو أسطه مضبوط) بل (نص ردن).. وشاعت مفردة (نص ردن) حتى صارت تُستخدَم للإشارة الى بعض الساسة فتقول: هذا سياسي (نص ردن).. ولكن دعونا من هذا كله.. هل سمعتم أعزائي القرّاء بـ( نص جسر مشاة) في إشارة الى أحد الجسور المخصصّة لعبور المشاة وتحديداً قبالة محكمة إستئناف بغداد/ الرصافة وإذا كانت الإجابة بالنفي فسأروي لكم حكايته من الألف الى الياء كوني متابعاً له منذ اليوم الأول الذي حصل فيه حادث إرتطام شاحنة كبيرة لم يراعِ سائقها تعليمات السلامة ما أدى الى إنهيار أجزاء منه وتحديداً في (1/9/٢٠٢٠).. وقد قامت أمانة بغداد يومها برفع الجزء المتضرر وبقي ( نص جسر) وهو على هذا الحال منذ اكثر من ثلاث سنوات.. ويُتاح لمن يسلك الطريق السريع من ملعب الشعب الدولي باتجاه مجسر قرطبة او من محطة الكيلاني باتجاه بغداد الجديدة مشاهدة أطلال الجسر التاريخي... والشيء بالشيء يذكر فقد كتبت عدة أعمدة صحفية بهذا الخصوص معززّة بالصور للحال الذي أصبح عليه الجسر هذا والذي تكمن اهميته في تأمين عبور مئات المراجعين من المواطنين الى المحاكم الواقعة في قصر القضاء في الرصافة بأمن وسلام.. ولكن يبدو أن المسؤولين في أمانة بغداد إما أنهم لا يقرؤون الصحف وهذا إفتراض وارد، أو أنهم نسوا الجسر نهائياً وهذا افتراض وارد أيضاً.. وقديماً قالوا:
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة  
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
 ولإننا لا نكلّ ولا نملّ من طرح قضايا الناس فإننا نُعيد النشر ثانية ورابعة وخامسة ونذكِّر من يعنيه الأمر بأن بناء مجسر قرطبة بطول (٧٢٥) متراً وبممرين للذهاب والإياب وبعرض (١٩) متراً قد أُنجز خلال (٢٠٠) يوم فقط وهو إنجاز يستحقّ التصفيق الحار والإعجاب، بينما جسر مشاة متضرر  او قل (نص جسر) مضى عليه أكثر من ثلاث سنوات دون ان يحرِّك أحد ساكناً لإعادة إعماره وليس هذا فحسب بل إن مجسر تقاطع الفنون الجميلة في الباب المعظم قد أُنجز في فترة زمنية محددّة وأُطلق عليه اسم الفنان التشكيلي الراحل (فائق حسن).. فأي مقارنة هذه بين قصة نجاح بامتياز وقصة أخرى  ولكن للفشل بامتياز؟؟  وعسى أن تكون الرسالة قد وصلت هذه المرة. مع الإشارة الى إن المدخل الرئيس لقصر القضاء في الرصافة الذي يتضمّن الشوارع الجانبية والأرصفة والجزرات الوسطية قد جرى  تأهيلها وزراعتها بالأوراد والشتلات الجميلة وبمنظر يسرُّ الناظرين.

 بقي أن أقول لكل المسؤولين: لا تستغربوا ان يكتب الصحفي بالقلم العريض وبعبارات فيها قسوة عندما يرى أن هناك من لا يقرأ الصحف ولا يسمع او لا يرى  ولا يتابع شكاوى وهموم الناس فهو بحق المسؤول الذي يستحق ان تطلق عليه عبارة (نص ردن) .