السبت 2024/5/4 توقيـت بغداد
07901195815-07707011113    albaynanew@yahoo.com
جريدة يومية سياسية عامة مستقلة
لا ترتبط بحزب أو حركة أو جهة دينية أو سياسية
صاحب الإمتياز
ورئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
استكشاف العراق من جديد.. (النجف الاشرف) طارات النجف وبحر النجف وخان الرحبة وآثار الكنائس.. أيقونات الآثار في النجف
استكشاف العراق من جديد.. (النجف الاشرف) طارات النجف وبحر النجف وخان الرحبة وآثار الكنائس.. أيقونات الآثار في النجف
تحقيقات
أضيف بواسـطة albayyna
الكاتب
النـص :

النجف الاشرف /
 حمدي العطار

توجهت الى النجف الاشرف في رحلة استكشاف (فردية) ولم اكن مع فريق لاماسو، وهناك كان في استقبالي الصديق د.عقيل غالب منسق عام اللجنة الشعبية لحماية الاثار والتراث في العراق، وبعد حسن الاستقبال وكرم الضيافة انطلقنا الى ابرز الاماكن الاثرية في النجف الاشرف.
طارات النجف
معنى الطارات  هي الاراضي المرتفعة التي تطل على الاراضي المنخفضة جدا واشهر ما في العراق هو طارات النجف وعمرها أربعة آلاف عام والتي تمثل حافة هضبة النجف التي تطل على بحر النجف.
تشكل الطارات احدى الظواهر الطبيعية لمدينة النجف الأشرف وتقع في الأطراف الغربية للمدينة اذ ينقطع امتداد الهضبة فجأة مشكلة جرفا صخريا حادا تسمى بالنواويس .. ويذكر لنا د. عقيل غالب بإنه يمكن ان يلاحظ وجود طارين يحيطان بالنجف الاشرف يبدأ أولهما المسمى ب»طار النجف»  من منطقة الحيرة جنوب النجف ويتجه غربا ويبلغ طوله حدود (65) كم وترتفع أعلى نقطة   فيه بحدود (176 ) مترا. ويحيط ثانيهما المسمى ب»طار السيد» بالمدينة المقدسة من جهتها الغربية ويبلغ طوله حوالي (60 كم) وترتفع أعلى نقطة فيه بحدود (60)  مترا وترتفع أعلى نقطة فيه بحدود (132) مترا . ويلتقي الطاران في منطقة وادي اللسان. وتحتوي هذه الطارات  الكهوف الطويلة   التي كانت تستخدم كمدفن لسكان الحيرة القدماء. والطار (هو ظاهرة من مظاهر النجف الجيولوجية ).
بحر النجف
هو مسطح مائي يقع في الجهة الغربية للنجف خلف مقبرة وادي السلام يبلغ طوله 15 كم  ، وكانت تعيش فيه كثير من أنواع الطيور والأسماك كما تحتوي منطقة بحر النجف على كثير من مقالع ومصانع الطابوق، وحينما سالنا من اين يأتي ماء بحر النجف:- 
« أن نهر الهندية يجري في الجهة اليمنى من الفرات ، ثم يصل الى مدينة النجف فيصب هناك في بحيرة تسمى (بحر النجف) والمياه بعد ان تتجمع في بحر النجف تتغلب عليها المواد المعدنية ، وتغدو كمياه البحر مالحة وغير صالحة للافادة منها، وكانت منطقة بحر النجف أحدى أبرز مناطق الجذب السياحي في البلاد.واطلقت عليه تسمية في عصور ما قبل الاسلام  ببحر بانيقيا، كما سمي ببحر الملح، ووجدت مخطوطات تشير إلى البحر عند الآراميين باسم بحر فرشا، ويقول (ياقوت الحموي) «إلى ان الخليج العربي كان متصلا ببحر النجف، وأن هذا الطريق المائي كان قد سلكه اليونان والفرس والعرب في العصور المختلفة ، وكانت السفن التجارية تغادره وهي محملة من منتجات العراق وأجزاء من بلاد الشام، إلى الهند والصين وبلاد فارس، وتعود محملة ببضائع أخرى، وهو لم يكن متصلا بالخليج بصورة مباشرة وانما عن طريق الأهوار والبطائح ونهر الفرات والسفن كانت تأتي من البصرة إلى الخليج عبر هذه الطرق المائية.ويذكر الناشط مصطفى هادي « أن المشكلة في بحر النجف هو عدم وجود تخطيط لما يمكن الاستفادة منه، فهذا البحر الذي يقع وسط الصحراء، يمثل مكانا سياحيا مهما، فضلا عن كونه يقع في مدينة دينية، مثل النجف، لذلك سيكون له مردود اقتصادي كبير يدر مبالغ كبيرة للبلاد سنويا إذا ما استثمر سياحيا، لكن المشكلة في أن المعالجات أما غائبة، أو أنها تجري بطرق كلاسيكية، لا تأخذ لتجديد او البعد المستقبلي للاقتصاد الوطني ، الذي يوفر البدائل عن الثروة النفطية» وهذا البحر يمكن ان يكون ايضا مكانا ترفيهيا للعوائل .ويؤكد جميع اهالي النجف بأن بحر النجف من أجمل الاماكن الطبيعية البعيدة عن المدن، ويمكننا أن نغير من جو العائلة ومشاهدة المناظر الخلابة من الطارات التي تحيط بالبحر»
خان الرحبة 
على الرحالة أن يتحمل التعب والارهاق ، هذا ما تعلمته من فريق لاماسو ومن الصديق الخبير الجيولوجي استاذ مثنى مصطفى، لذلك عندما سألني الصديق د. عقيل غالب المنسق العام للجنة الشعبية لحماية الاثار والتراث في العراق : هل أنت على استعداد ان تدخل الى بادية النجف لزيارة (خان الرحبة) وهو المحطة الأولى لطريق الحجاج الذي يطلق عليه تاريخيا (درب زبيدة) قلت له بدون تردد نعم مستعد ونص!
خان الرحبة 
وهو قصر الرحبة او قلعة الرحبة واحد من الاماكن  الاثرية والتراثية والسياحية يقع في صحراء النجف وتبعد الرحبة عن مدينة النجف الاشرف 35 كم، وكان طريق الحج البري الذي فتح عام 1936 يمر به وهي أول نقطة يقف عندها الحاج لفحص جوازات السفر، وكان الوصول الى الرحبة مزعج جدا لأن الطريق تحت التأهيل ويخلو من البشر . طالما كتبنا على ضرورة الاهتمام الجاد بالطرق الخارجية التي تربط العراق بدول الجوار لايماننا العميق بأن الخير قد يأتي من الصحراء او البادية فهو لأبناء البادية والنجف والعراق.
فهل يعقل ان يكون هذا الطريق في ثلاثينات القرن الماضي هي الفترة الذهبية التي انتعش فيها اقتصاد الرحبة؟! وشرح لنا د.عقيل غالب عن عيون الرحبة واهمها (عين الرحبة) وهي مصدر الحياة فيها، وتبعد عن الرحبة بنصف كم خارجا ، وهناك عيون أخرى مندرسة تحيط بها اهمها (عين بجاي، وعين باري) وفيه مرقد محمد بن الحسن قرب عين الرحبة وهو مرقد شيده السيد محمود الرحباوي والسيد محمود  وهو الذي أظهر عين الرحبة المطمورة بالرمال لحوادث الدهر بعد الاسلام ، واستنبط ماءها ورمم القصر القديم بجانبها وأقام قصر عين الرحبة كدار سكني له.
درب زبيدة
سمي بهذا الاسم نسبة الى السيدة زبيدة زوجة هارون الرشيد لجهودها الخيرية واصلاحاتها المتكررة ، ويبلغ طول درب زبيدة 239 كم ليصل الى حدود السعودية وهو طريق الحج البري الكوفي ، ويذكر د. حيدر الرماحي بإن الرحبة تاريخيا كانت تسمى (قادس) قبل الاسلام وتستخدم كمحطة لقوافل التجار، ثم صارت محطة اولى من عدة من المحطات لاستقبال الحجاج وقوافل التجار ، وهي تحتل موقع مهم فبعد الرحبة ينقسم الطريق الى ثلاثة مسارات يسارا يوصل الى البصرة ويمينا الى الشام والتوغل بالصحراء يصل الى الديار المقدسة السعودية ، وفي الرحبة يستطيع الحجاج المبيت لتوفير الحمامات وكافة الخدمات وتبعد هذه المحطات الخمس بين محطة واخرى 45 كم وهو المسير يوم كامل على الجمال والمبيت ليلا، وكان يسلك طريق الحج الكوفي (درب زبيدة) اغلب الدول الاسلامية لأن الطريق تحت حماية ورعاية الخلافة العباسية وهو امن واقصر الطرق الى الديار المقدسة، بعد سقوط الدولة العباسية انقطع هذا الطريق واخذ الحجاج يسلكون طريق البصرة نحو الكويت الى الديار المقدسة، وفي سنة 1936 اتفقت الحكومة العراقية مع المملكة السعودية لتفعيل هذا الطريق.
انقاض الرحبة
عند تجوالنا في خان الرحبة كان البناء متهالكا ولكن اثاره تدل على ان المبنى كان بثلاثة طوابق وهو شاخص وعال وكانت تشعل فيه النيران كنقطة دالة للمسافرين، وهو مقر للسكن والمبيت وفيه متاجر واسواق لبيع الحيوانات والحبوب وقد مر من هنا ابن بطوطة وباقي الرحالة وذكروا هذا الطريق في كتبهم.
  
الوجود المسيحي القديم 
تشير الوثائق التاريخية والأثرية على وجود 33 كنيسة ودير انتشرت في ارض النجف ، وهي اثار  قديمة من قبل الاسلام بالنجف، وكانت النجف تمثل المرجعية العليا للمسيحيين القدامى ، وكانت لمملكة الحيرة دور كبير في نشر الديانة المسيحية منذ عام 450 م، وسمي مسيحيو الحيرة بالعبّاد وأول من آمن ودخل الدين المسيحي هو النعمان بن المنذر ، عام 420 م حدثت فتنة بين المسيحيين والوثنين فانتصر النعمان الاكبر للمسحيين وحماهم. ويذكر أن القديس سمعان شفى النعمان من مرض عصبي ألمّ به وذلك باخراج الشيطان من جسده فتنصر النعمان.وعلى أثر  ذلك انتشرت الأديرة في الحيرة ، واتخذ المسيحيون في ظاهر الحيرة مكانا للسكن والتعبد خاصة في منطقة بحر النجف وانتشرت المعابد والكنائس فيها فضلا عن انتشارها قرب مدينة الكوفة والحيرة وهي منطقة ( عاقولا)التي تتبع منطقة مطار النجف الدولي ومعامل الاسمنت حاليا انشئت فيه كنيسة هند الصغرى على خندق الكوفة ودير هند الكبرى بين النجف والحيرة قرب قصر الخورنق على حافة بحر النجف.رغم انتهاء دور الحيرة كدولة مسيحية عام 12 هجرية و دخولها الاسلام الا أن الكنائس   ظلت تعمل وعند جرح الامام علي (ع) جيء بطبيب مسيحي من منطقة عين تمر يسمى (اثير السكرني) الذي كشف على رأس الامام وقال له يا أمير المؤمنين أنك ميت فالضربة دخلت الى الدماغ وهذا يدل على أن المسيحية ظلت تمتد من الحيرة وضواحيها الى عين التمر في كربلاء، إذ بقيت الاديرة والكنائس تعمل الى منتصف العصر العباسي وبدأوا يهاجرون الى بغداد.
أطلال الكنائس والاديرة
أطلال ثلاثة وثلاثين كنيسة و ديرا تنتشر من منطقة مطار النجف الاشرف الدولي الى ناحية الحيرة ثم المناذرة وصولا الى بحر النجف، كعيون الرهبان وقصور الأثلة ، وتحيط بهذه الكنائس مقابر مسيحية إذ كان الموتى  يدفنون في الحيرة، واكبر مقبرة للمسيحيين في العراق توجد في محافظة النجف الاشرف وتبلغ مساحتها 1416 دونم وتقع في منطقة تسمى ( ام خشم) اذ تحوي قبورا كثيرة للنصارى. واهم الاثار للكنائس المسيحية في النجف الاشرف هي كنيسة (ماركيوركيس).
*لقاء عن الاثار والاماكن السياحية في النجف الاشرف مع د. عقيل غالب باحث في الاثار والتراث ومنسق عام اللجنة الشعبية لحماية الآثار في العراق
- كيف تقيمون آثار النجف المسيحية في مملكة الحيرة و المناذرة ؟ وما هي الصعوبات التي تواجهكم للمحافظة على هذه الاثار واحياء التراث؟
-انا لست مقتنعا بدور الحكومة المحلية من أجل صناعة سياحية منتجة في محافظة النجف الاشرف يتناسب وتاريخ هذه المدينة مع كل المقومات المتوفرة والسهلة من مواقع آثارية وطبيعية كبحر النجف والطارات وكذلك المواقع الاثارية الكنائس والديرة والقصور.
- ما هي مقترحاتكم  لمؤسسات وزارة الثقافة والاثار والسياحة لتطوير السياحة في النجف؟ وما هي احتياجات السياحة في النجف وجهود الدولة او القطاعات الاخرى التي تهتم بالسياحة.؟
-هناك مراحل أساسية وطرق يجب الاهتمام بها من أجل صناعة سياحة في النجف الاشرف :- 
1- الحفاظ على المواقع الآثارية وعدم السماح بالتجاوز عليها تحت أي مسوغ.
2- دعم البعثات التنقيبية الآثارية.
3- الاهتمام بالبنى التحتية المتعلقة بالسياحة كالفنادق والمرافق السياحية.
4- دعم المواقع المؤهلة بأن تكون مواقع سياحية بالخدمات كالطرق المعبدة وبناء مرافق سياحية فيها (خدمات).
5- التأكيد على الجانب الاعلامي في الترويج.
6- هناك مواقع طبيعية جاهزة بأن تكون مواقع سياحية ممتازة مثل ( بحر النجف- طارات النجف- عيون الرهبان ودير مسيحي- الرحبة- طريق الحج البري «درب زبيدة»- الخانات والكنائس والاديرة  السراديب- الشناشيل والنقوش).
* كيف ترون الاثار المسيحية في النجف؟
-في محافظة النجف الأشرف آثار وتراث مسيحي مهم جدا.وذلك لأن النجف تمثل مثلث حضاري يكون ضلعه الأول (مملكة الحيرة) و ضلعه الثاني (الكوفة) ثم تشكلت النجف في الضلع الثالث.  والمعروف عن الحيرة بأن أغلب سكانها كانوا على الديانة المسيحية ويدعون بـ (العباد) وهنا اكثر من 38 دير وكنيسة  بالاضافة الى المقابر المسيحية مثل (مقبرة المناذرة) ومقبرة أم خشم وكنيسة (عبد المسيح بن تقبيلة) وأعتقد انه يتوجب على الحكومة المحلية الاهتمام بهذا التراث الديني والمعماري المهم  إضافة الى القصور، وهذه دعوة إلى وزارة الثقافة والسياحة والاثار بإرسال بعثة متخصصة من أجل الحفاظ على المواقع الأثرية والتراثية و تأهيلها تصبح مواقع سياحية متميزة لأنها سوف تكون موردا اقتصاديا ضخما جدا! وسوف تكون بحق (النفط الذي  لا ينضب) وكذلك التركيز على التدقيق باحالات الفرص الاستثمارية بحيث لا تؤثر على المواقع الأثرية والتراثية،، وكذلك أن لا يعطي بحر النجف كفرصة استثمارية بل يكون مشروعا للبلدية والمحافظة خدمة للمواطنين.وفي الختام .. مدينة النجف الاشرف فضلا عن انها مدينة دينية فهي مدينة يمكن ان تكون سياحية بإمتياز ، توجد فيها سياحة الاثار القديمة والكنائس والاديرة والسياحة الطبيعية في بحر النجف ، تحتاج فقط الى اهتمام الجهات المختصة للمحافظة على الاثار وحمايته وإحياء التراث.

المشـاهدات 3676   تاريخ الإضافـة 26/12/2023   رقم المحتوى 43673
أضف تقييـم