الإثنين 2024/4/29 توقيـت بغداد
07901195815-07707011113    albaynanew@yahoo.com
جريدة يومية سياسية عامة مستقلة
لا ترتبط بحزب أو حركة أو جهة دينية أو سياسية
صاحب الإمتياز
ورئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
في حوار لـ «البينة الجديدة» .. المفكر والأكاديمي السياسي البروفيسور نديم الجابري يؤكد:
في حوار لـ «البينة الجديدة» .. المفكر والأكاديمي السياسي البروفيسور نديم الجابري يؤكد:
حوارات
أضيف بواسـطة albayyna
الكاتب
النـص :

الدستور يحتاج تعديلات جوهرية لأنه لم يعد صالحاً
لتنظيم العملية الدستورية السياسية

نعاني من غياب الرؤيا الاستراتيجية لكيفية ادارة السلطة وادامة زخم الحلول للمشاكل

حوار/ نهاد الحديثي

 نديم عيسى الجابري أكاديمي وسياسي عراقي شغل مناصب مختلفة منها معاون العميد في كلية العلوم السياسية ومدير مركز الدراسات الفلسطينية ومدير إدارة جريدة النور وجريدة الفضيلة وعضو الجمعية العراقية للعلوم السياسية وعضو الجمعية العربية للعلوم السياسية -بعد الاحتلال- و اصبح نائبا في الجمعية الوطنية الانتقالية كما شغل منصب نائب في المجلس الوطني المؤقت ورئيسا لكتلة الفضيلة الاسلامي النيابية في الدورة الاولى لمجلس النواب عام 2007 له أكثر من عشرين بحث علمي منشور وعشرات المقالات الصحفية وأكثر من 15 مؤلف لعل ابرزها (الفكر السياسي لثورة العشرين - الأصولية اليهودية، النظام السياسي الإسرائيلي - جدلية الإرهاب بين الطروحات الغربية والإسلامية - نظام الحكم المناسب في العراق - إشكالية المقاومة والاحتلال - البعد الفكري والسياسي في كتابة الدستور العراقي الدائم - مذكرات في الفكر والسياسة..   الخ، من الكتب المهمة التي ينتقد فيها النظام السياسي بعد الاحتلال – تداولت وسائل اعلام اسمه بديلا لعادل عبدالمهدي لكن الغريب ان الجابري وضع شروطا كثيرة لكي يقبل بالمنصب
يملك رؤية سياسية ووطنية عميقة ، يدرك أن وطنيته وخزائن علمه لا تسمح له ان يكون ضمن الذين يكررون او يتوهمون إنهم انجزوا شيئا ً ،وحسب قوله  لكنهم كي اكون دقيقا ً، نعم انجزوا لانفسهم جراء الاستحواذ والانتقام ،املاك وضياع ومقاطعات في بلاد الغرب والشرق سرقوا شعبهم وبددوا المال العام وظلت مدنهم حزينة قابعة في جوف التاريخ مؤطرة بالقهر والحرمان ، وتنعموا هم في بحبوحة عيش ما كانوا يحلمون بها ‏وأكد ان ا السياسيين لا يجرأون على مواجهة قواعدهم، ولا يستطيعون ان يخاطبوا الناس بشكل مباشر، وبعضهم يمارس الخطابات الفارغة عبر مهرجانات حزبية بائسة بالقاعات المغلقة وسط جمهور حزبي لا يجيد الا الهتافات، لذلك الساحة الشيعية بحاجة ماسة الى جيل سياسي جديد يَستعيد ثقة الناس ويعمل لمصلحة اهله، وان لم تدرك القيادات الشيعية ذلك، سيفرض عليها هذا الخيار و بسيناريوهات كارثية. 
تميز في جميع حواراته ومحاضراته بالتشخيص الصائب الجريء ,هو يملك الجرأة ان يقول أخطأت، واثق من نفسه وتربع على عرش قول الحقيقة بالرغم من مرارتها وشدة وقعها – لا يقبل ببضاعة فاسدة اضحت تزكم الانوف وتحتاج الى التغيير، الطبقة الحاكمة لا تفهم طبيعة المتغير الدولي ولا تعرف ان بناء الامم يأتي ويحدث في لحظات تدفق المال الذي يوضع على التعليم والصناعة والزراعة والمكننة وبناء المدن الحصينة من الحجر والمرمر لا من الطين المخلوط بالتبن كما يبني العراقيون الجنوبيون مدارسهم ويكتنز (المعبد ) السومري الاموال وسبائك الذهب الى لحظة سقوط العاصمة العباسية سنة 1258 , حين قال المغول لاخر حاكم عباسي حكم ويتنعم في بغداد : كل الذهب الذي اكتنرته ولم تنفقه على شعبك الذي تركك وحيدا ً.. الم يقل الفكر العربي كيفما تكونون يولى عليكم ؟ وها نحن نحصد ثمن هتافاتنا لمنتهكي المال لا تستقيم الديمقراطية مع ظاهرة انتشار الفقر في العراق لأنها ستصبح عملية بيع و شراء بين الناخب والمرشح اكثر مما هي كشف عن الإرادة الشعبية الحرة, كما ان الديمقراطية لا تستقيم مع ظاهرة انتشار الجهل في العراق لأنها ستصبح عملية استغفال للناخب أكثر مما هي كشف عن ارادته الحرة.
يضيف الجابري قائلا : تعودت الأحزاب العراقية في صعودها الى السلطة أن تنقل جميع خلافاتها البينية والشخصية الى سدة الحكم سواء في تنظيماتها الحزبية أو في إدارة السلطة وبالتالي هذه الخلافات تجد لها موطئ قدم سلبي في قيادة الدولة وهذا دليل على أن ( الديمقراطية) التي يدعونها ما هي إلا شعارات لا مكان لها في ضمير قيادات الأحزاب وليست جزءًا من أدواتها في الحياة الداخلية لأحزابها ومن الطبيعي أن ينعكس غياب هذه الممارسة عندما تكون الأحزاب في سدة السلطة , ما نريد أن نقوله إن الاحزاب والتيارات المشتركة في العملية السياسية كانت وما زالت غير مؤهلة تماما لقيادة العراق وادارة السلطة فيها لانها تفتقد الى عوامل ومعايير العقيدة السياسية التي تفصل الرؤيا الشاملة لكيفية أداء الدولة والسلطة وهذا الأمر يعد غريبا في العمل السياسي. كان على الأطار التنسيقي والتيار أن يصطرعا بالبرنامج السياسي الرقمي وبالرؤى السياسية في كيفية تحقيق بناء دولة متطورة ومستقلة وقوية تحقق ( لجميع المكونات) مصالحها في إطار مفهوم المواطنة وحفظ وحدة الشعب وسيادة الدولة
في بداية الحوار فاجأني بالقول « الاحزاب الاسلامية لا تؤمن بالديمقراطية, ولو كنت حكمت العراق 2006 لانقذت البلاد من الفشل». 
*ألا تؤمنون ان الدستور يحتاج إلى تعديلات جوهرية؟ 
- نعم..الدستور يحتاج إلى تعديلات جوهرية وليس تعديلات طفيفة, هناك ثلاثة اتجاهات في قضية تعديل الدستور، الأول يرى أن الدستور لا يحتاج إلّا لتعديلات طفيفة ،واعتقد أن هذا سيكون جزءاً من المشكلة وليس من الحل،»، مبيناً أن» الاتجاه الثاني وهو من الأطراف المناوئة للعملية السياسية ،التي تدعو إلى إلغاء الدستور ،وما ترتبت عليه من نتائج, وهناك الاتجاه الثالث ،وهو الحل الأسلم وذلك باجراء تعديلات جوهرية على الدستور، مشيراً إلى أن «الدستور ومنذ العام 2010 لم يعد صالحاً لتنظيم العملية الدستورية السياسية ،لذلك هو بحاجة إلى تعديلات جوهرية,وأضاف أن هناك الكثير من الثغرات بالدستور ،وواحدة من أوجه القصور هي كثرة إحالة النصوص الدستورية إلى القوانين العادية ،وأن هناك أكثر من 50 مادة دستورية تحال إلى تشريع قانوني وبعضها كان يجب أن تثبت في الدستور»، لافتاً إلى أنه «ليس من الصحيح إحالة تشكيل المجلس الاتحادي إلى القوانين العادية ،وإلّا كيف سيكون نداً لمجلس النواب إذا كان مجلس النواب مؤسساً بموجب الدستور ،والمجلس الاتحادي مؤسس بموجب القانون ،بينما من الناحية الاعتبارية المجلس الاتحادي سيكون أعلى ،وهذا التشريع غير مناسب ويجب أن يُجرى تعديل جوهري على الدستور ،وتثبت النصوص المتعلقة بالمجلس الاتحادي داخل الدستور ،وليس بالقوانين العادية,وتابع أن «مشكلة المحكمة الاتحادية مزدوجة، جزء منها يأتي من النص الدستوري نفسه، والنص الدستوري يحتاج إلى تعديل لآلية تشكيل المحكمة الاتحادية ،لأن الدستور كتب في أجواء معينة ،وصارت فيه مدخلات ربما لا تكون مناسبة في هذا الوقت»، موضحاً أنه «في العام 2005 وعندما يكون تعيين جزء من أعضاء المحكمة الاتحادية اثنين من فقهاء الشريعة ،وهما غير مختصين بالقانون ،وقد يعملون على جزئية صغيرة من الدستوري،ولا يمكن سن قوانين تتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام ،وهذه واحدة من أسباب تعطل تشكيل المحكمة وسن قانونها, وشدد على أن»النص الدستوري بحاجة إلى تعديل في ما يتعلق بالمحكمة الاتحادية ،وبعد ذلك يتم الذهاب إلى القانون، تعديل المادة الدستورية أولاً ومن ثم الذهاب إلى وضع قانون موضوعي.
*كيف ترون العامل الاقتصادي وتأثيره علي استقرار النظام السياسي؟
- يعد العامل الاقتصادي أهم العوامل المفضية لاستقرار النظام السياسي من عدمه لأن معظم المشاكل السياسية أو الدينية في العالم المعاصر ترجع إلى عوامل اقتصادية بالدرجة الاساس و أن اتخذت أوجها دينية أو سياسية أو فكرية . لذلك كان ماركس دقيقا عندما احتسب العامل الاقتصادي محورا للصراع البشري, فالمجتمعات التي تعيش في بحبوحة اقتصادية لا تشهد صراعات سياسية أو اجتماعية حادة . إذ لم نلمس مثل هذا الصراع في سويسرا المنتمية للعالم الغربي كما لم نلمسه في الإمارات المنتمية للعالم الشرقي , عليه يمكن إرجاع الصراع السياسي في العراق إلى عوامل اقتصادية بالدرجة الاساس و إن اتخذ صيغا أخرى . فلو كان العراق يعيش في بحبوحة اقتصادية لما انصرف الشباب إلى العمل في صفوف الجماعات المسلحة و لأصبحوا أكثر انتظاما مع سياقات الدولة و قوانينها و نظمها , لذلك نلاحظ أن الاضطرابات تزداد طرديا مع تدهور الوضع الاقتصادي . و إذا ابتغينا الإصلاح لابد أن نلتفت إلى هذا الجانب فالانفاق على خدمات المواطن و حاجاته الأساسية يقلل من التكاليف الأمنية لقضية الأمن لذلك نلاحظ أن الاضطرابات تزداد طرديا مع تدهور الوضع الاقتصادي . و إذا ابتغينا الإصلاح لابد أن نلتفت إلى هذا الجانب فالانفاق على خدمات المواطن و حاجاته الأساسية يقلل من التكاليف الأمنية لقضية الأمن, ,, فلننظر الى سوريا الجارة والشقيقة , هل تعلم ان موازنة سوريا تبلغ حوالي 9 مليارات دولار و عدد سكانها حوالي 17 مليون نسمة ، بيد انها بقيت صامدة و لم تركع رغم الحرب الدائرة على ارضها لأنها حافظت على سياقات الدولة التي بقيت حاضرة , تأكل مما تزرع ، و تلبس مما تنسج,, نظامها السياسي متماسك   ولم يخدع الشعب السوري بأطروحات الديمقراطية الغربية ولا بطوباوية اطروحات الاسلام السياسي
*الصراع الإيراني- الافغاني صراع طائفي أم حرب مياه ؟
-صراع الارادات واضحة ومستمرة بتاريخنا الحديث ,ولعبة الدومينو معروفة للجميع , وبدأت تسقط احجار الدومينو , هناك أحجار سقطت في الوطن العربي [ فلسطين 1948 ، العدوان الثلاثي على مصر ، هزيمة حزيران 1967 وحرب تشرين 1973وزيارة السادات والشروع بالتفاوض مع العدو من موقع ضعيف ، احتلال العراق الذي قصم ظهر العرب 2003   والربيع العربي واسقاط الزعامات العربية تونس ومصر والسودان واليمن وليبيا وغيرها , ثم الاحداث في سوريا والسودان حرب المياه والتحكم بآبار النفط , وهذه الحرب اخطر ما فيها انها بين دول إسلامية أقليمية قريبة من الجسد العربي المثخن بالجراح, مضيفا بانه هناك قراءات سياسية تتعلق بمجمل حركة السياسة العامة في العالم من قبل القوى المسيطرة عليها, وهي جر الدول الأسلامية المتشاطئة والمتقاربة حدوديا مع بعضها الى أجواء [ الفوضى الخلاقة ] التي هي جزء مكمل للمؤامرة الدولية, الأصطدام الحدودي المسلح بين طرفي النزاع المائي بين أفغانستان وإيران , هي ضمن هذا المخطط بحيث يبقى النظام السياسي الأيراني مستهدفا, وربما الولايات المتحدة تخطط لأحداث أشتباك مسلح أو حرب بالنيابة ضد إيران لوجود إختلال ( مذهبي) وسياسي ومشاكل أخرى قد تكون غير بينة بين طرفي النزاع . بالأضافة الى أن أمريكا تجنبت الأصطدام المباشر بأيران ليس خوفا منها ، إنما كانت تبحث عن وسيلة أُخرى تختلف عما أحدثته بالعراق لأن الظروف لا يمكن تكرارها بذات الطريقة لأسباب أستراتيجية وتكتيكية . وأظن ليس في الأفق حل يرضي إيران وأفغانستان معا.
*كيف تقرأ الموازنة العامة للدولة العراقية ؟
-الموازنة العامة للدولة في العرف السياسي والأقتصادي تبدأ بتقديم الحسابات الختامية للدولة ومن ثم يتم إعداد الموازنة القادمة للسنة الجديدة وفق تقديرات مالية وأقتصادية عامة تقدمها وتختص بها وزارتا المالية والتخطيط  وزارة التخطيط تستلم الاحتياجات العامة لتقديرات الوزارات والمحافظات وتوابعها والمؤسسات غير المرتبطة بوزارة والدوائر ذات العلاقة تحدد بها المخصصات المقررة وفق النسبة السكانية لتنفيذ المشاريع المخططة لها ، كأن تكون أية وحدة أدارية بحاجة الى التوسع في بناء مستشفيات او مستوصفات صحية أو مدارس او جامعات او اية خدمات تتعلق بمصالح الدولة والشعب ,,  أما وزارة المالية فتتولى إعداد التخصيصات المالية العامة لموازنة الدولة التي ترد من وزارة التخطيط, وزارة المالية تحدد التقديرات المالية لجميع المشاريع كل على حدة , وهناك توقيتات محددة وتقديم الحسابات الختامية والميزانية العامة للدولة الذي ينبغي ان يبدأ العمل بها في أول السنة الجديدة لتباشر الدولة بأعادة تنشيط وتيرة البناء والاعمار وتقديم الخدمات للمواطنين .
ويستطرد قائلا : ان الذي يجري في إعداد الميزانية شيء غريب وبعيد عن التقاليد الادارية التي كانت سائدة في الدولة العراقية ، حلت الأحزاب والكتل السياسية محل وزارتي التخطيط والمالية وساد النظام السياسي التحاصصي والتوافقي وتحديد وتحجيم المشاريع والخدمات بطريقة بدائية ، أعضاء مجلس النواب لا يمتلكون أية مساحة حرية في مناقشة حيثيات الميزانية لأن غالبيتهم ليسوا ذوي أختصاص مهني ولا فني في مجال التقييم المالي والأقتصادي والأداء الأداري, واوضح إن الأحزاب يجتمعون على طاولة توزيع ميزانية الدولة العراقية على طريقة الأدارة البدائية للدولة والسلطة لم تعد تُطاق وبدأت تستفز ذوي الأختصاص والمهتمين بالعلوم السياسية والعلوم الاقتصادية وخبراء المال والاعمال ويصابون بمقتل إزاء هذا التخبط اللامسؤول في حكم العراق أقل ما يوصف به النظام السياسي انه [نظام سياسي عبثي ] لا قواعد ولا آليات له، وهي لعبة سياسية لا صلة لها بالعلم والمعرفة والدراية بادارة السلطة
*قضية البطرياك لويس ساكو وسحب المرسوم الجمهوري – كيف تنظرون لها؟ 
- بدءا نشير ان البطرياك لويس ساكو شخصية متنورة ويمتلك وعيا عميقا يتجاوز حسابات فلسفة المكونات البدائية , فلا تخسروه، من مستلزمات ادارة الدولة الحفاظ على المسيحيين و رموزهم الدينية بوصفهم النكهة التاريخية للدولة العراقية  ومن يقرأ التاريخ السياسي العراقي ، لا أظنه يعثر على أن المسيحيين في العراق سبق لهم أن أسسوا أحزابا سياسية بالشكل الذي هي عليها الأن رغم الظروف والأحداث الدموية التي تعرضوا لها في الماضي منها ما سمي بمذبحة سميل عام 1933 ، والحال المتعارف عليه ان الموقف الكنسي يتعارض مع تسييس ( الطائفة المسيحية ) في أطار سياسي حزبوي ، إذ أن الطائفة المسيحية تعودت أن تكون تواصلها الرعوي مع الكنيسة وفي تحقيق وجودها المعنوي كجزء من الشعب العراقي ورعاية مصالحها المدنية من خلال الدستور والقوانين التي تحقق لها ذاتها ومصالحها ، لذلك كانت الكنيسة تمثل المسيحيين رسميا وشعبيا من خلال مرجعية البطريارك المُعين من قبل بابا الفاتيكان, قد تم تعيين لويس ساكو [ بمرسوم بابوي ] وبموجبه امتلك حصانة دولية ودبلوماسية وعطفا على قرار تنصيب البطريارك ساكو من قبل الفاتيكان ، يصدر المرسوم الجمهوري العراقي ربما المتعارف عليه ضمنا في سياقات الدولة العراقية والذي يعد أعترافا رسميا بتنصيب الكاردينال لويس ساكو بطرياركا على المسيحيين العراقيين وعلى مسيحيي المشرق ، وعادة كان رؤساء الجمهورية يستقبلونه بهذه المناسبة ويحضر في المناسبات الدينية والوطنية الى قصر الرئاسة, وربما هناك خفايا قد تكون لقوى سياسية قريبة من رئيس الجمهورية بالتخادم مع قوى مسيحية وراء ترتيب أزمة المرسوم الجمهوري  يبقى الأمر اللا أخلاقي واللا أنساني أن تقدم إحدى الأحزاب شكوى ضد الكاردينال لويس ساكو في المحاكم ، وهنا لابد ان نشيد بالزعيم الكردي مسعود بارزاني ودعوته إلى تصحيح سحب مرسوم رئيس كنيسة الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو،، متمنياً أن تتم مراجعة القرار وتصحيحه ومبيناً أن إقليم كردستان ارض للتعايش.
*كيف تقيمون حكومة السوداني  في ظل الازمات الحالية؟
- السوداني فقد البوصلة و بدأت ملامح الفشل على حكومته لأنه بدأ يحكم بعقلية عراقيي الخارج رغم انه من الداخل, فشلت أنظمة الحكم المتعاقبة على السلطة في العراق بعد 2003 بتحقيق وحدة وسيادة العراق ووحدة شعبه ، العلة في عدم معالجة الأمور من منظار وطني دستوري, السلطة الحاكمة والاحزاب السياسية , الشيعية والسنية والكردية .. تفكر بعقلية الخارج كل منها مرتبطة ومحتمية بقوى خارجية لها اجنداتها الخاصة أقليميا ودوليا ، وبسبب الاجندات الخارجية التي تدفع الى عدم أتفاق الاطراف المتنازعة على مسارات وطنية موحدة, ونعترف ان الثقل الأساس في الفوضى السياسية في إدارة الدولة والسلطة تقع على عاتق  القوى الشيعية  التي أختارت نظام المكونات في الدستور وأدعت زورا تمثيلها للأغلبية الشيعية ورهنت مستقبلها السياسي بحليفها الاقليمي المعروف دون الأكتراث بما سيسببه له [ الزواج الكاثوليكي] مع الجار الشرقي من مشاكل وأزمات سياسية وأقليمية ودولية هي غير قادرة على مواجهتها.
  خطوات الأطار التنسيقي في إدارة السلطة أشار اليها الدكتور نديم الجابري وحددها بالنقاط الأتية: غياب الرؤيا الاستراتيجية لكيفية إدارة السلطة وإدامة زخم الحلول للمشاكل التي باتت تتراكم في طريقها السياسي التي قد تطيح بها لفشلها في إدارة الملفات الساخنة, مازالت تتطاير بالسياسة الطائفية والمذهبية في مواقفها السياسية, ليس لها أي تموضع سياسي مع الدول العظمى مثل بريطانيا وأمريكا والدول العربية مثل مصر والمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي, نحن نحتاج بشدة الى إستشارة ومشاركة اصحاب الرأي السياسي والخبرة والحنكة في استشراف الحلول الواقعية والعلمية والوطنية من منظار مشاركة الشعب في إبداء رأيه عبر النخب الوطنية لتدلوا برأيها بالاحداث السياسية ووضع الحلول المناسبة لها.
*الهجمات المتكررة على إقليم كردستان بالطائرات المسيرة كيف يمكن انهاؤها؟ 
- الهجمات المتكررة على إقليم كردستان بالطائرات المسيرة، مستمرة قبل حكومة محمد السوداني لذلك فإن من المستبعد ان يكون المقصود بها إحراجه، معربا عن اعتقاده بأن على بغداد أن تتحدث بقوة مع طهران ومع واشنطن التي تبدو “أكثر حسماً” على الأرض العراقية, اذا ما اردنا معالجة هذا الملف، فعلى الدولة أن تحتكر القوة القاهرة لتجنب تحول العراق إلى ساحة صراع إقليمية ودولية، وهذا مبدأ مقبول واعتقد أن جميع الأطراف تقبله، ولن نكون دولة إن لم تكن الدولة تسيطر على القوة القاهرة.
ويضيف   «يجب أن يكون هناك حديث صريح مع الولايات المتحدة، فقد صدر تصريح من الولايات المتحدة، قالوا فيه إنهم بلغوا الحكومة العراقية بحقهم في الدفاع عن أنفسهم، والحكومة العراقية سكتت، وكان من المفترض أن تقول الحكومة العراقية لأمريكا بأن أمريكا لديها الحق في الرد عندما يكون الاعتداء على أرضها، فحق الرد مكفول على الأرض الوطنية وليس على أرض أخرى, وعلى الحكومة العراقية أن تبلغ أمريكا، أنها ستقاتل نيابة عنها، إذا تعرضت السفارة أو الممثليات الدبلوماسية الأخرى للهجوم، لكنها لن تقاتل بالنيابة عن القواعد العسكرية الموجودة هنا وهناك، ولا أعرف لماذا   تتعاطى الحكومة العراقية مع الامريكان بضعف؟ حتى مع إيران يجب أن يكون هناك حوار صريح، حتى نخرج العراق من هذه اللعبة الدولية والإقليمية التي ندفع ثمنها، فما ذنب كردستان أن يتعرض للأذى بهذه الطريقة؟
*قبل اسابيع قليلة بدأت اولى ترتيبات الحوار بين بغداد وواشنطن بشأن اخراج قوات التحالف,, واعلن السوداني ، ان موقف حكومته «ثابت ومبدئي» من اخراج قوات التحالف الدولي بعد انتهاء مبررات وجوده في العراق.. ماتعليقكم على ذلك ؟
- لا بد أن تفهم الطبقة السياسية الحاكمة أن وجود الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وأسقاطها للدولة والنظام السياسي فيه مرهون بالمخطط التي رسمته القوى الغربية منذ أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر . والحملة التي قادتها لأحتلال العراق لم يكن إعتباطا ، إنما كانت الغاية منه إسقاط الدولة العراقية التي أشار اليها الدكتور نديم الجابري في سياق حديثه والتي شاركت به وتعاضدت عليه القوى السياسية في مشاركتها للولايات المتحدة الأمريكية في أسقاط الدولة العراقية.
ويتساءل: لماذا لا تفكر الطبقة السياسية الحاكمة أن الأمريكان الذين سلموا الحكم لها ، هل من المعقول أن يتركوا العراق بأنسحابها لقمة سائغة لأيران أو دول أُخرى لها ذات أطماع الأمريكان؟ ان هذا  الاجراء سيمهد الى «بداية جفاء امريكي واستدارة امريكية عن العراق، بالتالي سيؤدي الى تخفيض التمثيل الدبلوماسي ويعقبه إجراء مماثل من باقي الدولي مما يضع العراق في عزلة دولية, ونرى ان السوداني، الذي يتعرض لضغوط داعية لإخراج القوات الأجنبية، يدرك في قرارة نفسه حجم المساعدة التي قدمتها القوات الأميركية ومعها قوات التحالف الأخرى في مواجهة تهديدات تنظيم داعش ومنع عودة ظهوره من جديد, ناهيك عن الامكانيات السياسية والاقتصاد التي يمكن ان تتخذ ضد العراق. 
واختتم بقوله: لو كان الأسلام السياسي الشيعي مدركا لمفاهيم السياسة واللعبة السياسية لكان يتوجب عليه أن يتحالف مع من [تكرم عليه بالسلطة ] وأن يستغل هذا التحالف من أجل حماية حقوق الدولة العراقية والشعب العراقي إزاء التكالب الذي وقع من الدول التي فتحت أراضيها للغزو ولكانت قد حمت العراق من كثير المشاكل السياسية والحدودية وربما هذا التحالف الاستراتيجي ربما استرجع حقوق العراق في أراضيه الذي لم يستطع العهد السابق أن يسترجعه,, الطبقة السياسية التي تدعي الأغلبية المكوناتية أظنها لا تدرك أن أخطارا تنتظرها داخليا عدا عن موضوعة داعش وهو الطموح القومي للاقليم الذي لا يمكن له أن يوقفه أحد إذا ما تم التهديد به وطرحه في مجلس الأمن الدولي أو على الأقل يصبح في إطار كونفيدرالي؟
*سؤالنا الاخير  تشكلت مجالس المحافظات بطريقة مختلفة عما أراد لها الاطار,كيف تعلقون؟
- الحكومات المحلية لا تخضع لتوافقية الحكومة الاتحادية.. كركوك استثناء, وان بعض الحكومات المحلية في محافظات كالبصرة والكوت قد شكلت بنوع من التفرد, بالقرار وليس بناءً على او مع مراعاة التوافقية التي بنيت عليها العملية السياسية
الجابري اضاف: ان «التوافقية مفروضة على المؤسسات الاتحادية وليس على المؤسسات المحلية حيث ان الرئاسات الثلاث على سبيل المثال محكومة بالتوافقية لكون التوافقية هنا يقصد بها التوافق بين المكونات الثلاثة الرئيسية ولكن مجالس المحافظات لا توجد فيها هذه التشكيلة التي تقتضي التوافقية.
وأوضح الجابري ان «مجالس المحافظات تعتمد على الاصوات فقط ومن يستطيع الفوز بالاغلبية فلديه الحق بتشكيل الحكومة المحلية دون ان يطلب منه التوافق» ، مردفاً « ولكن في حال لم تستطع أي جهة ان تشكل الحكومة لوحدها فهنا سوف ترجع الامور الى التوافق بين جهتين او اكثر بهدف تشكيل الحكومة وهنا نستثني بالخصوص محافظة كركوك لكون التوافقية بها مطلوبة.وذكر الجابري « كانت محاولات اقصاء المحافظين الفائزين في الانتخابات المحلية العراقية تمثل قدحا في مبادئ الديمقراطية و فلسفتها ، كالقدح الذي حدث عام 2010   الذي أفضى الى حرمان القائمة الوطنية برئاسة الدكتور اياد علاوي من استحقاقها الانتخابي في تشكيل الحكومة الإتحادية,, هذا الإقصاء سيفضي الى سيطرة الإطار التنسيقي الشيعي على الحكومات المحلية التي ستتشكل قريبا في الوسط و الجنوب و الفرات الأوسط , و يبدو أن هذا المشهد المحتمل سيؤدي على الأرجح الى النتائج الآتية// اولهما ان هذا الاقصاء سيفضي الى رسم المشهد الانتخابي المقبل في مجلس النواب بذات التوازنات , والاقصاء سيحول دون ولادة أي منافس جديد في المستقبل القريب من خارج الاطار, ربما يفضي اقصاء المحافظين الفائزين الى تحجيم التيار الصدري في الانتخابات المقبلة والذي يتمتع بعلاقات طيبة مع هؤلاء المحافظين و ربما يكون حليفا لهم, كما ان السيناريو التنسيقي يمثل خطوة استباقية تحول دون ولادة تحالف قوي ما بين هؤلاء المحافظين مع كتلة جديدة قد يشكلها رئيس الوزراء السيد السوداني.

المشـاهدات 2608   تاريخ الإضافـة 26/02/2024   رقم المحتوى 44611
أضف تقييـم