السبت 2024/5/4 توقيـت بغداد
07901195815-07707011113    albaynanew@yahoo.com
جريدة يومية سياسية عامة مستقلة
لا ترتبط بحزب أو حركة أو جهة دينية أو سياسية
صاحب الإمتياز
ورئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
المروحة
المروحة
ثقافية
أضيف بواسـطة albayyna
الكاتب
النـص :

 إبراهيم أحمد / السويد
 

 إلى الصديق العزيز خ .ع. يحتضر الآن 
في أودفالا _ السويد
(1)
ناضلنا من اجل شقائنا:
 كي يطول ويغدو لذيذا كسمك يتقلب على الجمر 
كل هذا الطريق الطويل 
كل هذا العذاب 
فقط لنعرف أن شقاءنا أبدي كشواهد قبورنا! 
 الصخرة التي قلنا  أنها خطوتنا الأخيرة صرخت :  
ماذا تغير كومة القش من مسار العاصفة؟
ماذا يغير الغباء من الغباء؟ 
ما كانوا أذكى منا، ولا كنا أذكى منهم .
 ولكن الذكاء كان في مكان آخر
 ما كانوا أفضل منا ولا كنا أفضل منهم، ولكن الفضيلة كانت ترعى غنم الأسياد بعيدا عنا 
 كانت بضاعتهم من بضاعتنا، وبضاعتنا كانت تعاويذ الكهوف المسحورة في أعماق البحار  
كنا المستحيل، وكانوا كسرة منه تطفو على نهر طافح بالدماء!   
عموما كان الكتاب هو الكتاب، لكنا اختلفنا على لون الغلاف! 
 وعلى شكل الكراسي، وأحجام المشانق والسجون
وفصيلة دم الطغيان، ومن يكون الأخ الأكبر، وجدنا الأيدلوجي!
ومن سيكون كلب الحراسة الأسطوري بين المحيطات والقارات؟
فعلام كل هذا العذاب؟
ولمن الأوسمة والنياشين؟ من المنتصر ومن المهزوم؟
لا أرى سوى طير جريح يغني على غصن مكسور!  
2  
كان التعذيب في حجرة المسلخ منوعا
 اقتلعوا أظافري قبل أيام 
وهذه الليلة علقوني بالمروحة!
عندما دارت بقوة ومسحت بي سقف الحجرة 
وجدت أحلامي تتساقط من رأسي الواحد تلو الآخر 
ومكان كل حلم تحل في المخ عقرب 
الأحلام تتساقط والأفاعي الغليظة تمر بمشية عسكرية مهيبة!
وأخيراً سقط مني المستقبل كله
وجوه أطفالي
أمي الميتة وغصن زيتون وحمامة بيضاء لا ادري كيف تلقفتها الذاكرة
آلهتي كلها ،  
سقط من الأحشاء فوقهم كلهم : دم ، بول خراء
أين الصرح الجميل؟ 
أكاليل الورد وفوحها وما قاله الشعراء؟
قلت لهم أنزلوني لدي اعتراف خطير 
قالوا : تكلم وأنت هناك! 
نسمعك أيها الغبي التافه
قلت لهم من سمائي وأنا فوقهم :
الآن أعترف أن الأرض تدور ، ليسقط أعداؤنا المشتركون الغيبيون المنحطون!
أراها الآن وهي تدخل الغيوم  تفاحة حمراء 
لتخرج من الجهة الأخرى حشرة كبيرة بحجم السماء!
 أتسخر منا يا حقير؟
وزادوا سرعة المروحة 
رأيت الشاعر الذي ادعى أن أمي قالت له: ليتها أرضعت كلبا ولم ترضعني! 
أردته يعطيني جرعة ويسكي من زجاجته! 
علها تجعل دورة المروحة رقصة عاهرة في شقته الآمنة على الشاطئ  
فقهقه : وأختك تتبرأ منك!
يا له من قلب ميت، وضمير صنعته الأوراق والأرزاق!
أقول جازما: الغيبوبة في حجرة التعذيب
أرقى وأسمى من كل وعي الدنيا وكتبها
وأكثر فصاحة من كل الديكة المبشرة بالفجر وملحقاته    
لا أدري متى أنزلوني ولا بماذا هذيت 
وفيما إذا كفرت أو صليت، بكيت أو ضحكت
ربما ضحكت كطفل ينزلونه من دولاب هواء العيد 
أفقت والأرض لم تعد تدور 
  ولا الشمس تدور 
 ومنذ نصف قرن 
لا قمر في سمائي ولا نجوم ،
 ولا وجوه أطفالي الثلاثة!
قتلتهم بعد سنوات بسيارة كنت أقودها مسرعا
 فاصطدمت بشجرة هائلة نادتني بصوت تلك المروحة!  
الآن لا أبحث عن شيء أو أحد 
حتى الذين أداروا المروحة
 كدت أسامحهم لولا أنهم  
 لا زالوا هناك يديرونها تحت أب جديد،
وغلاف جديد ، وكلب حراسة بثلاثة رؤوس كسربروس حامي عالمهم السفلي!  
ومثلي سينزل من مروحتهم كثيرون، يدورون ويدورون 
وكالببغاوات في الأقفاص
 يرددون ما يتلونه عليهم في الأعياد والحفلات والصلوات   
وسيقتلون أطفالهم ثلاثة ثلاثة، وعشرة عشرة 
لا طاقة لي ولا جدوى 
لا شيء غير  انتظاري إسدال الجفون  
لأعب من خمر التراب سكرتي النهائية بعيدا عن المروحة، وكل ما يدور!
 

المشـاهدات 1249   تاريخ الإضافـة 03/04/2024   رقم المحتوى 45150
أضف تقييـم